بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين
تُحيي الـمرأةُ الجزائريةُ العيدَ العالـمي للـمرأة (08 مارس)، وهي تُواصِلُ خَوْضَ تَحديَّاتِ بناءِ الدَّولة الحديثة والـمجتمع الذي يَسُودُه الاستقرار وتَطبعه السكينة، مُعتزةً بانتمائـها إلى شعبٍ حُرٍّ أصيل، يُخلِّد تضحيات بناته اللواتي سَجَّلنَّ أَقْوَى الـمَواقِف وأَسْمَى معاني الروح الوطنية، في أَصْعَب الـمِحن ..
لقد كانتْ الـمرأةُ الجزائريةُ إبَّانَ ثَوْرة التحرير الـمجيدة مثالًا للشَّجاعة، مُكافحةً ومُناضلةً وفدائيةً، تَردَّدت أصداءُ كفاحِها الـمُلهِم عنوانًا للتعلُّق بالحريَّةِ والكرامة، وغَدَتْ بـمآثرها رمزًا للغيرةِ على الأرْضِ والشَّرف، وانخرطت بالتزامٍ وإباء – في الأَمْس القريب – في دَحر شُرورِ الإرهابِ الهمجي، الذي استَـهدَفَ ضرب الدّولة الوطنية ومُؤسَّساتـها، فلا غَرْوَ أن تَسْري في دماء الـمرأة الجزائرية التي تَحْمِلُ هذا الإرث العظيم من الـمَجْد، روحُ التحدِّي، وعزيمةُ تَحقِيق النجاح، أُسْوَةً بِحَرَائِر الجزائر من طِينَةِ اللائي أَنْجَبْنَ أَبْطال نوفمبر .. ومِن مَعْدن شَّهيداتٍ يَذكرهُنَّ التَّاريخُ شَاهِدَاتٍ – إلى الأبَد – على جَبَرُوتِ وظُلْمِ الاستعمار، ولا عَجَبَ أن تَرْتَقي الـمرأة الجزائرية في الجزائر الحُرَّة الـمُستَقلة بِمُؤَهِّلاتـها العلمية والـمهنية على سُلَّمِ الرُّتَب في الأسلاك النظامية، وتَسْتَحِقَّ الـمهامّ العليا والـمَسؤُولياتِ الرَّفيعة في الإدارات والـمؤسَّسات .. وتَتَفَوَّقَ في أَدَقِّ تخصُّصاتِ العُلومِ والـمعارف، وأَعْقَدِ فُرُوع تِكنُولوجياتِ العصر في الجامعات ومراكز البحث، وتَكِدَّ في العمل الـمُنتج للخيرات في مزارع مَدَاشِرنا وقُرَانا الحافِظَةِ لعفَّةِ وعِزَّة الـمرأة الريفية، وتَتَطلَّعَ إلى مَسارِ الإنعاش الاقتصادي الذي باشرناه بالانْدِمَاج في الانطلاقة الواعدة لـمشاريع الـمؤسَّسات الناشئة في بلادنا.
إنَّ الجزائرَ التي كَرَّسَتْ في تَشْريعاتِـها مَبدأَ الـمُناصفة، وتَكَافُؤ الفرص، تَبني سِياسَاتـها العمومية بإدراكٍ تام لأولوية تثمين وتأهيل الـموارد البشرية، فالـمرأة تَتَقَاسَمُ مع الرَّجُلِ – على حدٍّ سَواء – قِيَمَ الـمُواطنة، وتَتَشارَكُ معه في الحُقوق والواجبات، ولَقد أَثْبَتَتْ الإحصائياتُ مدى ما أحْرزتْه من مكاسب، حيثُ تَتَبوَّأُ مرتبةً مُتقدِّمةً في نِسَبِ شَغْلِ مَناصِبِ العمل والوظائفِ النَّوْعيَّة في قطاعاتٍ حيويَّة عديدة، تَعْكِسُها – على الخصوص – أعدادُ الـمُنْتَسِبات إلى قطاعات العدالة والتربية والصحة، مُبرهنةً أيْنَما كانتْ بأَنَّـها عِمَادُ مَسيرةِ الجزائر الجديدة نحو الاستثمار في الإنسان، وفي الكفاءة والتَّميُّز، ونحو التأسِيسِ لثقافة النزاهة وقيمة العمل، ونَبْذ كلِّ أشكالِ الفساد في عَهْدٍ جديدٍ، لا وَلَاَء فيه إلَّا للجزائر، ولا غَايَةَ تَعلو فيه فَوْقَ خدمةِ الشَّعب، والوفاءِ لآماله وتَطَلُّعَاتِه.
وإنَّني إذْ أتوجَّهُ إليكنَّ بخالص التهاني، وأَنْتُنَّ تَحْتَفِلْنَ بِعيدكُنَّ العالـمي، أُؤكِّدُ أَنَّ قضايا الـمرأةِ والأسرة، سَتَظَلُّ مِنْ أهمِّ انشغالاتِ الحكومة، التي أَدْعُوها -في هذه الـمناسبة -إلى تكثيف دَعْمِها ومُرافقتِـها لِكُلِّ جُهْدٍ يَرْمي إلى تَرْسيخِ التَّضامن الوطني وتَرْقيةِ الـمرأة، ورعايةِ الأُسْرة الجزائرية.
تحيا الجزائر
الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.